Ads 468x60px

-

السبت، 28 يناير 2012

معنى قول السلف فى الصفات "بلا كيف"

بسم الله والحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد : فهذا اعتقاد اهل السنه فى الصفات ومرادهم بقولهم بلا كيف من كلامهم هل يعنون ان صفات الله لا كيف لها !!! , ام يعنون بان صفات الله لها كيف يليق بذاته لا يعلمه الا هو؟ :

ورد في عدد من الآثار عن السلف الصالح في الصفات قولهم: "بلا كيف"، فما معنى قولهم هذا؟
سيتبين الجواب عن هذا السؤال في هذا المقال إن شاء الله تعالى.

بعض هذه الآثار

- سفيان بن عيينة (ت. 198 هـ) : قال أحمد بن نصر: سألت سفيان بن عيينة قلت: 
"يا أبا محمد أريد أسألك"، قال : «لا تسأل»، 
قلت: "إذا لم أسألك فمن أسأل"، قال: «سل.»
قلت: "ما تقول في هذه الأحاديث التي رويت نحو : القلوب بين أصبعين، وأن الله يضحك أو يعجب ممن يذكره في الأسواق؟"، فقال: «أمروها كما جاءت بلا كيف.» (1) سنده صحيح.
وقال: « كل شيء وصف الله به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره لا كيف ولا مثل » (2)
الأوزاعي (ت. 157 هـ)، سفيان الثوري (ت. 161 هـ)، الليث بن سعد (175 هـ)، مالك بن أنس (179 هـ) :
قال الوليد بن مسلم: سألتُ الأوزاعي وسفيان الثوري ومالك بن أنس والليث بن سعد عن هذه الاحاديث التي فيها الصفة والرؤية والقرآن فقال: «أمروها كما جاءت بلا كيف.» (3)
قال إسحاق بن راهويه (238 هـ) : سألني ابن طاهر عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم ـ يعني في النزول ـ فقلت له : «النزول بلا كيف.» (4)
وغيرها كثير

معناها
لو نظرنا في الألفاظ الأخرى للآثار المذكورة سابقا، وكذلك نظرنا في أقوال السلف الأخرى في الصفات، سنجد تفسير قولهم: "بلا كيف"، فالأصل في عبارات الصحابة والتابعين وتابعيهم في أبواب الاعتقاد أن يُحمَل بعضها على بعض ما لم يتعذر ذلك.
ومِن السلف من يروي الأثر بلفظه ومنهم من يرويه بمعناه. 
فقد جاء في لفظ آخر لأثر الوليد بن مسلم: سألت سفيان الثوري، ومالك بن أنس، والأوزاعي، والليث بن سعد عن هذه الأحاديث التي في الرؤية والصفات قال : «أمروها على ما جاءت، ولا تفسروها.» (5)
فـ"بلا كيف" جاءت هنا بلفظ "التفسير"، أي تفسير الكيف والخوض فيه.

وقال عبد العزيز بن عبد الله الماجشون (ت. 164 هـ) : «إنما أُمِروا بالنظر والتفكر فيا خلق، وإنما يقال: كيفَ؟ لمن لم يكن مرة، ثم كان، أما من لا يحول ولم يزل، وليس له مثل، فإنه لا يُعلم كيف هو إلا هو. » (6)
وقال وكيع بن الجراح (ت. 196 هـ) : « نُسلم هذه الأحاديث كما جاءت، ولا نقول كيف هذا؟، ولم جاء هذا؟ يعني مثل حديث ابن مسعود: "إن الله عز و جل يحمل السموات على أصبع والجبال على أصبع" وحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن" ونحوها من الأحاديث» (7)
قال أبو عُبيد القاسم بن سلام (ت. 224 هـ) وذكر الباب الذي يُروى في الرؤية والكرسي وموضع القدمين، وضحك ربنا من قنوط عباده، وقرب غيره، وأين كان ربنا قبل أن يخلق السماء، وأن جهنم لا تمتلئ حتى يضع ربك عز وجل قدمه فيها فتقول: قط قط، وأشباه هذه الأحاديث. فقال: «هذه الأحاديث صحاح حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم على بعض، وهي عندنا حق لا نشك فيها، ولكن إذا قيل: كيف وضع قدمه؟ وكيف ضحك؟ قلنا: لا يُفَسَّر هذا ولا سمعنا أحدًا يفسره. » (8)

قال إسحاق بن راهويه (ت. 238 هـ) : قال لي الأمير عبد الله بن طاهر: "يا أبا يعقوب، هذا الحديث الذي ترويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا"، كيف ينزل؟ قال، قلتُ: «أعز الله الأمير! لا يُقال لأمر الرب: كيف؟ إنما ينزل بلا كيفَ.» (9)
وقال أبو عيسى الترمذي (ت. 279 هـ) : «وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِى هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا يُشْبِهُ هَذَا مِنَ الرِّوَايَاتِ مِنَ الصِّفَاتِ وَنُزُولِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالُوا: قَدْ تَثْبُتُ الرِّوَايَاتُ فِى هَذَا، وَيُؤْمَنُ بِهَا، وَلاَ يُتَوَهَّمُ، وَلاَ يُقَالُ: كَيْفَ هَكَذَا رُوِىَ عَنْ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُمْ قَالُوا فِى هَذِهِ الأَحَادِيثِ: "أَمِرُّوهَا بِلاَ كَيْف." وَهَكَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.» (10)
وقال في موضع آخر من سننه: «وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم روايات كثيرة مثل هذا، ما يُذكر فيه أمرُ الرؤية أن الناس يرون ربهم، وذِكرُ القَدَمِ وما أشبه هذه الأشياء. والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وابن المبارك، وابن عيينة، ووكيع وغيرهم أنهم رَوَوا هذه الأشياء، ثمَّ قالوا: " تُرْوى هذه الأحاديث ونؤمن بها، ولا يُقالُ: كَيفَ » (11)

قال نُعيم بن حماد (ت. 228 هـ) : « حق على كل مؤمن أن يؤمن بجميع ما وصف الله به نفسه ويترك التفكر في الرب تبارك وتعالى ويتبع حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "تفكروا في الخلق ولا تتفكروا في الخالق". قال نعيم : ليس كمثله شيء ولا يشبهه شيء من الأشياء» (12)

ومن هذا يتبين أن معنى قول السلف الصالح "بلا كيفَ": أي بلا سؤال: "كيفَ ؟"، فلا علم لنا بكيفية الصفات، والسؤال عنها يؤدي للخوض في الكيفية. حقيقة الصفات من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، والخوض في الكيفية تشبيه، فالإنسان يصف الشيء على ما يشاهده، والله {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}، وهو من القول على الله بلا علم، فالواجب إثبات الصفات التي أثبتها الله عز وجل لنفسه، وإثبات ما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، والتسليم لها دون التعرض لكيفياتها بسؤال أو تفسير، بل نفوض علم الكيفية لله عز وجل.

والكيفية هي: صِفة الشيء وحقيقته وكنهه(13).
والتكييف هو: وصف الكيفية والخوض فيه.

ومما يؤكد هذا المعنى فهم الأئمة مِمَن جاء بعدهم:

قال أبو عبد الله الزبيري (14) (ت. 317 هـ) في أخبار الصفات: ( نؤمن بهذه الأخبار التي جاءت ، كما جاءت ، ونؤمن بها إيمانا ، ولا نقول : كيفَ ؟ ولكن ننتهي في ذلك إلى حيث انتهي لنا، فنقول من ذلك ما جاءت به الأخبار كما جاءت.) (15)
قال أبو بكر الإسماعيلي (ت. 371 هـ) في اعتقاد أصحاب الحديث – أهل السنة والجماعة: (وأنه عز وجل استوى على العرش بلا كيف، فإن الله تعالى أنهى إلى أنه استوى على العرش، ولم يذكُر كيف كان استواؤه. ) (16)
وقال: ( الله سبحانه ينزل إلى السماء الدنيا؛ على ما صح به الخبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله عز وجل: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة : 210] وقال: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر : 22] ونؤمن بذلك كله على ما جاء بلا كيفَ، فلو شاء سبحانه أن يبين لنا كيفية ذلك فعل، فانتهينا إلى ما أحكمه، وكفننا عن الذي يتشابه.) (17)

قال أبو منصور معمر بن أحمد (ت. 418) عند حديثه عن الصفات: ( كل ذلك بلا كيف ولا تأويل نؤمن بها إيمان أهل السلامة والتسليم، ولا نتفكر في كيفيتها، وساحة التسليم لأهل السنة والسلامة واسعة بحمد لله ومنه، وطلب السلامة في معرفة صفات الله عز وجل أوجب وأولى، وأقمن وأحرى، فإنه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى : 11]، فـ{ليس كمثله شيء} ينفي كل تشبيه وتمثيل، {وهو السميع البصير} ينفي كل تعطيل وتأويل.) (18)
قال أبو المظفر السمعاني (ت. 489 هـ) : (وأما اليد : صفة لله - تعالى - بلا كيف ، وله يدان ، وقد صح عن النبي أنه قال : ' كلتا يديه يمين' . والله أعلم بكيفية المراد. ) (19)
وغيرهم

مسائـل في الكيـف:

1. علمنا وإيماننا بالشيء لا يتوقف على معرفة كيفيته: أي أن نفي العلم بالكيفية لا ينافي الإيمان بأصل الصفة فلا تلازم بين المعنى والكيفية.

قال حماد بن أبي حنيفة (ت. 176 هـ) : «قلنا لهؤلاء : أرأيتم قول الله عز وجل {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر : 22] وقوله عز وجل: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة : 210] فهل يجيء ربنا كما قال؟ وهل يجيء الملك صفًا صفًا؟ »
قالوا: أما الملائكة فيجيئون صفا صفا، وأما الرب تعالى فإنا لا ندري ما عنى بذلك، ولا ندري كيف جيئته. 
فقلنا لهم: «إنا لم نكلفكم أن تعلموا كيف جيئته، ولكنا نكلفكم أن تؤمنوا بمجيئه، أرأيتم من أنكر أن الملك لا يجيء صفا صفا، ما هو عندكم؟ » قالوا: كافر مكذب. 
قلنا: «فكذلك من أنكر أن الله سبحانه لا يجيء فهو كافر مكذب.» (20)

قال ابن خزيمة الشافعي (ت. 311 هـ) في صفة النزول:
(رواها علماء الحجاز والعراق عن النبي في نزول الرب جل وعلا إلى السماء الدنيا كل ليلة، نشهد شهادة مقر بلسانه، مصدق بقلبه، مستيقن بما في هذه الأخبار من ذكر نزول الرب من غير أن نصف الكيفية، لأن نبينا المصطفى لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى سماء الدنيا، وأعلمنا أنه ينزل، والله جل وعلا لم يترك، ولا نبيه عليه السلام بيان ما بالمسلمين الحاجة إليه من أمر دينهم، فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الأخبار من ذكر النزول غير متكلفين القول بصفته أو بصفة الكيفية إذ النبي لم يصف لنا كيفية النزول.) (23)
قال ابن عبد البر المالكي (ت. 463 هـ) : ( وقد عقلنا وأدركنا بحواسنا أن لنا أرواحا في أبداننا ولا نعلم كيفية ذلك، وليس جهلنا بكيفية الأرواح يوجب أن ليس لنا أرواح، وكذلك ليس جهلنا بكيفيته على عرشه يوجب أنه ليس على عرشه.) (24)

قال أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني (ت. 535 هـ) عند حديثه عن صفات الله عز وجل: (فإن قيل: فكيف يصح الإيمان بما لا يحيط علمنا بحقيقته؟ أو كيف يتعاطى وصف شيء لا درك له في عقولنا؟
فالجواب أن إيماننا صحيح بحق ما كلفنا منها، وعلمنا مُحيط بالأمر الذي ألزمناه فيها وإن لم نعرف لما تحتها حقيقة كافية، كما قد أمرنا أن نؤمن بملائكة الله وكتبه ورسله واليوم الآخر، والجنة ونعيمها، والنار وأليم عذابها، ومعلوم أنا لا نحيط علمًا بكل شيء منها على التفصيل، وإنما كلفنا الإيمان بها جملة واحدة، ألا ترى أنا لا نعرف أسماء عدة من الأنبياء وكثير من الملائكة، ولا يمكننا أن نحصي عددهم، ولا نحيط بصفاتهم، ولا نعلم خواص معانيهم، ثم لم يكن ذلك قادحا في إيماننا بما أمرنا أن نؤمن به من أمرهم. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في صفة الجنة: ”يقول الله تعالى: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.“ [صحيح البخاري ومسلم] .) (25)

2. الخوض في الكيفيةِ تشبيهٌ، فالإنسان يصف الشيء على ما يشاهده، والله {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.

قال عبد الرحمن بن مهدي (198 هـ) لفتى من ولد جعفر بن سليمان: «مكانك»، فقعد حتى تفرق الناس. ثم قال ابن مهدي: «تعرف ما في هذه الكورة من الأهواء والاختلاف وكل ذلك يجري مني على بال رضي إلا أمرُك وما بلغني. فإن الأمر لا يزال هينا ما لم يصر إليكم، يعني السلطان، فإذا صار إليكم جل وعظم.» فقال (الغلام) : يا أبا سعيد وما ذاك ؟
قال: «بلغني أنك تتكلم في الرب تبارك وتعالى وتصفه وتشبهه. »
فقال الغلام: نعم. فأخذ يتكلم في الصفة.
فقال: «رُويدك يا بُني حتى نتكلم أول شيء في المخلوق، فإذا عجزنا عن المخلوقات فنحن عن الخالق اعجز واعجز. أخبرني عن حديث حدثنيه شعبة عن الشيباني قال: سمعت زرًا قال: قال عبد الله في قوله: {لقد رأى من آيات ربه الكبرى}»
قال: رأى جبريل له ستمائة جناح؟ قال: نعم. فعرف الحديث. 
فقال عبد الرحمن: «صِف لي خلقًا من خلق الله له ستمائة جناح.» فبقي الغلام ينظر إليه.
فقال عبد الرحمن: «يا بُني فإني أُهون عليك المسألة واضع عنك خمس مائة وسبعة وتسعين (جناحًا)، صِف لي خلقا بثلاثة أجنحة، ركب الجناح الثالث منه موضعًا غير الموضعين اللذين ركبهما الله حتى أعلم.»
فقال: يا أبا سعيد، نحن قد عجزنا عن صفة المخلوق ونحن عن صفة الخالق أعجز وأعجز، فأشهدك إني قد رجعت عن ذلك واستغفر الله. (21)

قال أبو سعيد عثمان الدارمي (ت. 280 هـ) : « فهذه الأحاديث قد جاءت كلها وأكثر منها في نزول الرب تبارك وتعالى في هذه المواطن، وعلى تصديقها والإيمان بها أدركنا أهل الفقه والبصر من مشايخنا، لا ينكرها منهم أحد ولا يمتنع من روايتها، حتى ظهرت هذه العصابة (الجهمية) فعارضت آثار رسول الله برد، وتشمروا لدفعها بجد فقالوا: "كيف نزوله هذا؟ " قلنا: لم نُكلف معرفة كيفية نزوله في ديننا ولا تعقله قلوبنا، وليس كمثله شيء من خلقه فنشبه منه فعلا أو صفة بفعالهم وصفتهم.» (22)

آثار عن السلف في أن الله يفعل كيف شاء

سأل بشر بن السري حمَّادَ بن زيد (ت. 179 هـ) فقال: "يا أبا إسماعيل، الحديث الذي جاء (ينزل الله عز و جل إلى السماء الدنيا) قال حمّاد: «حق كل ذلك كيف شاء الله.» (26)
قال أبو عاصم خُشَيش بن أصرم (ت. 253 هـ) : ( ومما يدل على أن الله تبارك وتعالى ينزل كيف يشاء إذا شاء صعوده إلى السماء واستواؤه على العرش) [27]
قال عثمان الدارمي (ت. 280 هـ) : (ولا يُسأل الرب عما يفعل كيف يفعل، وهم يسألون، لأنه القادر على ما يشاء أن يفعله، كيف يشاء، وإنما يُقال لفعل المخلوق الضعيف الذي لاقدرة له إلا ما أقدره الله تعالى عليه كيف يصنع وكيف قدر.) (28)
وغيرها

الأثر المشهور عن الإمام مالك عندما سُئل عن كيفية الاستواء

وردت عدة ألفاظ لجواب الإمام مالك رحمه الله عن سؤال الرجل الذي سأله عن كيفية الاستواء فقال: "يا أبا عبد الله (الرحمن على العرش استوى) كيف استوى ؟" 
وأصح وأشهر هذه الروايات:
الرواية الأولى: « الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلاّ مبتدعاً. فأمر به أن يُخرج »
معنى قوله: «الكيف غير معقول»: أي مجهول (غير معلوم)، فالعقل في اللغة نقيض الجهل.
قال الخليل الفراهيدي: (العَقْل : نقيض الجَهْل) (29)
وقال الفيروز آبادي: ( العَقْلُ: العِلْمُ، أو بِصفاتِ الأَشْياءِ من حُسْنِها وقُبْحِها، وكَمَالِها ونُقْصانِها ...) إلخ (30)
قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [الحجرات : 4]
وهو أيضا بمعنى الفهم: قال ابن سيده: (وعَقَلَ الشيءَ يَعْقِله عَقْلا : فَهِمَه. (31)
قال الله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا..} [الحج : 46]
وقال سبحانه: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت : 43]

وقد أجاب الإمام أبو جعفر الترمذي الشافعي (32) (ت. 295 هـ) بجواب مُشابه عندما سُئل عن صفة النزول: 
قال أحمد بن عثمان: حضرتُ عند أبي جعفر الترمذي فسأله سائل عن حديث النبي صلى الله عليه و سلم ”إن الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا“ فالنزول كيف يكون يبقى فوقه علو؟
فقال أبو جعفر الترمذي: « النزولُ مَعقول، والكيفُ مجهول، والإيمانُ به واجب، والسؤال عنه بدعة.» السند رواته ثقات. (33)

الرواية الثانية: أجاب الإمام مالك رحمه الله: «الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه، ولا يقال: كيفَ، وكيف عنه مرفوع، وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه، قال: فأُخرج» (34)
وهذا الجواب مشابه لما مر معنا في عدد من آثار السلف الصالح، بأنه لا يُقال: "كيف؟" لصفات الله عز وجل، وذلك لأن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم لم يُخبرانا عن كيفية وحقيقة صفاته، فلا يجوز السؤال عن شيء لم يصلنا علمه وليس هناك سبيل لمعرفته إلا عن الله عز وجل ورسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال الإمام مالك: "وكيفَ عنه مرفوع" أي أنه لا يجوز سؤال "كيفَ" في صفات الله عز وجل، وهو قول مُتفق مع قوله في الرواية الأخرى في الصفات، والتي نقلناها في بداية المقال: «أمروها كما جاءت بلا كيفَ».

(1) مراسيل أبي داود، باب صلاة التطوع؛ والصفات للدارقطني (ص71)؛ والعلو للعلي الغفار للذهبي (ص156) ؛ سير أعلام النبلاء (ج8 ص467)
(2) كتاب الصفات للدارقطني (ص70)؛ شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (ج3 ص431) 
(3) علل ابن أبي حاتم (ج5 ص468) عن أبيه عن الهيثم بن خارجة. 
(4) الأسماء والصفات للبيهقي - (ج 2 ص377)، إسناده صحيح.
(5) معجم ابن المقرئ (ص111)؛ عقيدة السلف أصحاب الحديث للصابوني (ص69)؛ سير أعلام النبلاء للذهبي (ج 8 / ص 162) من طريق أبي بكر الخلال؛ والشريعة للأجري (ج3 ص1146)، وفيهما أنه سألهم عن أحاديث الصفات.
كتاب الصفات للدارقطني (ص75) ولفظها: "عن هذه الأحاديث التي فيها الرؤية وغير ذلك فقالوا : "أمضها بلا كيف."
شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (ج3 ص503) ولفظها: "عن هذه الأحاديث التي فيها الرؤية فقالوا: أمروها بلا كيف."
(6) سير أعلام النبلاء للذهبي (ج7 ص311 و312) بسنده، ورواها أيضا في كتابه "العلو للعلي الغفار" (ص141) وصححه؛ ورواها ابن بطة بسنده في "الإبانة الكبرى" له. 
(7) كتاب السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل (ج1 ص267)؛ وكتاب الصفات للدارقطني (ص71) بسند صحيح. 
(8) كتاب الصفات للدارقطني (ص68- 69)؛ ورواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (ج3 ص526) بسنده.
(9) رواه أبو عثمان الصابوني في "عقيدة السلف وأصحاب الحديث" (ص194) بإسنادين، ورواه أبو القاسم الأصبهاني عن الصابوني من طريق ابنه أبو بكر في "الحجة في بيان المحجة" (ج2 ص124)، ورواه البيهقي في الأسماء والصفات (ج2 ص376 -377) بسند آخر.
(10) جامع الكبير المعروف بسنن الترمذي (ج2 ص41) 
(11) الجامع الكبير للترمذي المعروف بـ"سنن الترمذي" (ج4 ص318)
(12) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج3 ص527) قال: "ذكره عبد الرحمن (بن أبي حاتم) قال : وجدت في كتاب أبي: نعيم بن حماد قال: ...." وذكره.
(13) كُنْهُ كلَّ شيء: غايتُه ... تقول بلغتُ كُنْهَ الأمر أي غايته (كتاب العين للخليل الفراهيدي ص380)
(14) هو الزبير بن أحمد بن سليمان الزبيري البصري، كان أحد الفقهاء على المذهب الشافعي وكان ضريرا، وهو ثقة. [تاريخ بغداد للخطيب (ج9 ص492)] 
(15) الشريعة لأبي بكر الآجري (ج3 ص1155) رواها الآجري عن شيخه أبي عبد الله الزبيري.
(16) اعتقاد أهل السنة لأبي بكر الإسماعيلي (ص36) 
(17) عقيدة السلف وأصحاب الحديث لأبي عثمان الصابوني (ص192)، قال: "قرت في رسالة الشيخ أبي بكر الإسماعيلي إلى أهل جيلان: أن الله سبحانه...." إلخ. 
(18) الحجة في بيان المحجة لأبي القاسم إسماعيل الأصبهاني (ج1 ص231-244)، قال: "أخبرنا أحمد بن عبد الغفار بن أشتة، أنا أبو منصور معمر بن أحمد قال: ... " وذكره. 
(19) تفسير القرآن للسمعاني (ج2 ص51) 
(20) رواه أبو عثمان الصابوني بسنده في "عقيدة السلف وأصحاب الحديث" (ص 233-234) بتحقيق الجديع، (ص63) بتحقيق أبو اليمين المنصوري.
(21) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج3 ص530 و531) رواها من طريق ابن أبي حاتم في "الرد على الجهمية" عن أبيه أبي حاتم الرازي عن عبد الرحمن بن عمر رسته عن ابن مهدي. ورواه أبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء" (ج9 ص8) بسند آخر إلى عبد الرحمن بن عمر رسته. ونقله الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج9 ص196) و تاريخ الإسلام (ج13 ص284).
(22) الرد على الجهمية للدارمي (ص79) 
(23) كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب لابن خزيمة (ج2 ص 289-290) 
(24) التمهيد لابن عبد البر (ج7 ص137) 
(25) الحجة في بيان المحجة لإسماعيل لأصبهاني (ج1 ص288-289) 
(26) رواه ابن بطة في الإبانة الكبرى له. 
(27) التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع للملطي، باب الفرق وذكرها 
(28) الرد على الجهمية للدارمي (ص 76) 
(29) كتاب العين للفراهيدي (ج1 ص159) 
(30) القاموس المحيط للفيروز آبادي (ص1034) 
(31) المحكم والمُحيط الأعظم (ج1 ص205) 
(32) قال الخطيب البغدادي عنه: وكان ثقة من أهل العلم والفضل والزهد في الدنيا... ولم يك للشافعيين بالعراق أريس منه ولا أشد ورعا وكان من أهل التقلل في المطعم على حال عظيمة فقرا وورعا وصبرا على الفقـر. [تاريخ بغداد للخطيب (ج2 ص233)]، وقال الدارقطني عنه: ثقة مأمون ناسك [سؤالات الحاكم للدارقطني ص149]
(33) تاريخ مدينة السلام (بغداد) للخطيب البغدادي (ج2 ص234) بسنده، والسند رواته ثقات.
(34) الأسماء والصفات للبيهقي (ج2 ص305
اكـمل بـارك الله فيـك ... Résuméabuiyad

الخميس، 19 يناير 2012

هل يصح ان شيخ الاسلام ابن تيميه قال"ولو قد شاء الله لاستقرّ على ظهر بعوضة"

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
 
فما ذكر أولاً عن شيخ الإسلام قصة مختلقة ذكرها ابن بطوطة في رحلته المشهورة، حيث زعم أنه شاهد ابن تيمية على منبر الجامع بدمشق يعظ الناس، ويشبه نزول الله إلى السماء الدنيا بنزوله من درجة المنبر، وقد قرر كثير من أهل العلم أن هذه قصة مختلقة لأن دخول ابن بطوطة إلى دمشق كان في التاسع من شهر رمضان عام ست وعشرين وسبعمائة هجرية، وكان سجن ابن تيمية في قلعة دمشق أوائل شعبان من هذا العام إلى أن توفاه الله ليلة الاثنين لعشرين من ذي القعدة عام ثمان وعشرين وسبعمائة هجرية، فكيف رآه ابن بطوطة يعظ على منبر الجامع وسمع منه، ثم إن حادثة مثل هذه الحادثة تحدث على المنبر في مكان مشهور ومن عالم مشهور ومحسود وله أعداء كثر، ويقول ما لا يسع الناس السكوت عنه، ثم ينفرد بنقل هذه الحادثة- التي تتوافر جميع أسباب نقلها وتواترها- شخص واحد كابن بطوطة أمر يدل على عدم صدق هذا النقل. 
وقد نبه
 الحافظ ابن حجر إلى أن ابن بطوطة -رحمه الله- لم يكتب تفصيل رحلته، وإنما الذي كتبها وجمعها أبو عبد الله بن جزي الكلبي وهو من نمَّقها، وكان الإمام البلقيني يتهمه بالكذب والوضع.
أما ما ذكر ثانياً عن شيخ الإسلام، فليس من كلامه رحمه الله، لكنه نقله في نقض التأسيس عن
 الدارمي -رحمه الله- في رده على بشر المريسي، ولعل من المناسب أن ننقل بعض كلام ابن تيمية الذي قاله -رحمه الله- في نقض التأسيس: قال عثمان بن سعيد الدرامي في نقضه على المريسي وصاحبه: وأعجب من هذا كله قياسك الله بقياس العرش ومقداره ووزنه من صغير أو كبير، وزعمت كالصبيان العميان أن الله أكبر من العرش أو أصغر منه أو مثله، فإن كان الله أصغر فقد صيرتم العرش أعظم منه، وإن كان أكبر من العرش فقد ادعيتم فيه فضلاً عن العرش، وإن كان مثله إذا ضم إلى العرش السموات والأرض كانت أكبر، مع خرافات تكلم بها وترهات يلعب بها وضلالات يضل بها، لو كان من يعمل لله لقطع قشرة لسانه، والخيبة لقوم هذا فقيههم والمنظور إليه مع التمييز كله وهذا النظر وكل هذه الجهالات والضلالات. 
فيقال لهذا البقباق النفاج: إن الله أعظم من كل شيء وأكبر من كل خلق، ولم يحمله العرش عظما ولا قوة، ولا حملة العرش حملوه بقوتهم ولا استقلوا بعرشه، ولكنهم حملوه بقدرته، وقد بلغنا أنهم حين حملوا العرش وفوقه الجبار في عزته وبهائه ضعفوا عن حمله واستكانوا وجثوا على ركبهم حتى لقنوا لا حول ولا قوة إلا بالله، فاستقلوا به بقدرة الله وإرادته، ولولا ذلك ما استقل به العرش ولا الحملة ولا السموات ولا الأرض ولا من فيهن، ولو قد شاء لاستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبيته، فكيف على عرش عظيم أكبر من السموات والأرض، وكيف تنكر أيها النفاج أن عرشه يقله والعرش أكبر من السموات السبع والأرضين السبع، ولو كان العرش في السموات والأرضين ما وسعته ولكنه فوق السماء السابعة، فكيف تنكر هذا وأنت تزعم أن الله في الأرض في جميع أمكنتها والأرض دون العرش في العظمة والسعة، فكيف تقله الأرض في دعواك ولا يقله العرش الذي هو أعظم منها وأوسع. 

وواضح من هذا النقل أن
 الدارمي -رحمه الله- أراد من ذلك الكلام أن الله تعالى غير محتاج إلى العرش، ولا غيره، بل هو سبحانه غني عن العالمين وما سواه فقير إليه، وهو سبحانه فوق العرش، كما دل الكتاب والسنة والأثر والإجماع من الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام قبل جهم والمريسي وأضرابهما من أهل البدع والضلال.
والله أعلم.
اكـمل بـارك الله فيـك ... Résuméabuiyad

فصل فى استواء الله على عرشه

الحمد لله وكفى وصلاه وسلام على النبى المصطفى صلى الله عليه وسلم , الحمد لله الذى أكمل لنا الدين واتم علينا  النعمة وجعل أمة الاسلام خير أمه وارسل اليها رسولا أمينا يتلوا عليم ايات ربهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وبعد:

فهذا فصل فى استواء الله على عرشه

  قال الله تعالى ( الرحمن على العرش استوى ) (الاعراف) , (ان ربكم الله الذى خلق السماوات والأرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش يغشى الليل النهار يطلبه حثيثا .. )(الاعراف) , (ان ربكم الله الذى خلق السماوات والأرض فى ستة ايام ثم استوى على العرش)(يونس) , ( الله الذى رفع السماوات والأرض بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش)(الرعد), (الرحمن على العرش استوى)(طه) , ( ثم استوى على العرش الرحمن فسئل به خبيرا )(الفرقان) , ( الله الذى خلق السماوات والأرض ومابينهما فى ستة أيام ثم استوى على العرش )(السجدة) , ( هو الذى خلق السماوات والأرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش )(الحديد)

 هذه هى المواضع السبعة التى أخبر فيها سبحانه باستوائه على العرش , وكلها قطعية الثبوت لأانها من كتاب الله , فلا يملك الجهمى المعطل لها ردا ولاانكارا , كما انها صريحة فى بابها , لاتحتمل تأويلا , فأن لفظ " استوى " فى اللغة اذا عدى ب"على" لايمكن أن يفهم منه الا العلو والأرتفاع , ولهذا لم تخرج تفسيرات السلف لهذا اللفظ عن أربع عبارات ذكرها العلامة ابن القيم فى النونية حيث قال : 
                                         فلهم عبارات عليها أربع  :  قد حصلت للفارس الطعان 
                                        وهى استقر وقد علا وكذلك : ارتفع الذى مافيه من نكران
                                       وكذاك قد صعد الذى هو رابع : وأبو عبيدة صاحب الشيبانى
                                      يختار هذا القول فى تفسيره : أدرى من الجهمى بالقـراّن
                                  
 قال ابن سيده: هذا قول أَبي عبيد، قال: وقد حكاه أَبو عبيدة.واستَوى الشيءُ: اعْتَدَلَ، والإسم السَّواءُ، يقال: سَوَاءٌ عَليَّ قمتَ أَو قعدتَ.
وقوله عزَّ وجل: هو الذي خَلَقَ لكمْ ما في الأَرضِ جميعاً ثم اسْتَوَى إلى السماء؛ كما تقول: قد بلغَ الأَميرُ من بلد كذا وكذا ثم اسْتَوَى إلى بلد كذا، معناه قَصَد بالاسْتِواء إليه

وقال الأَخفش: استَوى أَي علا، تقول: استَوَيْتُ فوق الدابة وعلى ظهر البيت أَي علَوْتُه.
واستَوى
 على ظهر دابته أَي استَقَرَّ.
وقال الزجاج في قوله تعالى: ثم استَوى إلى السماء؛ عمَدَ وقصد إلى السماء، كما تقول: فَرغ الأَميرُ من بلد كذا وكذا ثم استَوى إلى بلد كذا وكذا، معناه قصد بالاستواء إليه. قال داود بنُ عليّ الأَصبهاني: كنت عند ابن الأَعرابي فأَتاه رجلٌ فقال: ما معنى قول الله عز وجل الرحمنُ على العرش استَوى؟ فقال ابن الأَعرابي: هو على عرشه كما أَخبَرَ، فقال: يا أَبا عبدِ الله إنما معناه استَوْلى، فقال ابن الأَعرابي: ما يُدْرِيك؟ العرب لا تقول استَوْلى على الشيء حتى يكون له مُضادٌّفأَيهما غَلَب فقد اسْتَوْلى؛ أَما سمعت قول النابغة: إلاَّ لمِثْلِكَ، أَو مَن أَنت سابِقُه سبْقَ الجوادِ، إذا اسْتَوْلى على الأَمَدِ وسئل مالك بن أَنس: استَوى كيف استَوى؟ فقال: الكيفُ غير معقولٍ، والاستِواءُ غير مَجْهول، والإيمانُ به واجبٌ، والسؤالُ عنه بِدْعةٌ  (لسان العرب) انتهى.

فأهل السنة والجماعة يؤمنون بما أخبر به سبحانه عن نفسه من أنه مستو على عرشه , بائن من خلقه بالكيفية التى يعلمها هو جل شأنه , كما قال مالك وغيره الاستواء معلوم والكيف مجهول..
وأما مايشغب به أهل التعطيل من ايراد اللوازم الفاسدة على تقرير الاستواء فهى لاتلزمنا , لأننا لانقول بأن فوقيته على العرش كفوقية المخلوق على المخلوق .
وأما مايحاولون به صرف هذه الاّيات الصريحة عن ظواهرها بالتأويلات الفاسدة التى تدل على حيرتهم واضطرابهم , كتفسيرهم استوى باستولى الى اخر مانقله عنهم حامل لواء التجهم والتعطيل زاهد الكوثرى , فكلها تشغيب بالباطل , وتغيير فى وجه الحق لا يغنى عنهم فى قليل ولا كثير 
وليت شعرى! ماذا يريد هؤلاء المعطلة أن يقولوا ؟! أيريدون أن يقولوا : ليس فى السماء رب يقصد , ولافوق العرش اله يعبد ؟! فاين يكون اذن ؟! 
ولعلهم يضحكون منا حين نسأل عنه ب"أين" ! ونسوا أن أكمل الخلق وأعلمهم بربهم صلوات الله عليه ولاسلامه قد سأل عنه ب"أين" حين قال للجارية " أين الله؟ " ورضى جوابها حين قالت: " فى السماء " وشهد لها بالأيمان , وقد أجاب كذلك من سأله ب : أين كان ربنا قبل خلق السماوات والأرض ؟ بأنه كان فى عماء ... الحديث وهو عند احمد فى المسند وفيه وكيع بن حدس وهو مجهول الحال وبقية رجال الحديث ثقات ..
ولم يرو عنه صلى الله عليه وسلم أنه زجر السائل , ولا قال له : انك غلطت فى السؤال !!.
ان قصارى مايقوله المتحذلق منهم فى هذا الباب : ان الله تعالى كان ولامكان , ثم خلق المكان , وهو الان على ماكان قبل خلق المكان , فماذا يعنى هذا المخرف بالمكان الذى كان الله ولم يكن ؟! هل يعنى به تلك الأمكنة الوجوديه التى هى داخل محيط العالم ؟! , فهذه أمكنة حادثة , ونحن لانقول بوجود الله فى شىء منها اذا لايحصره ولايحيط به شىء من مخلوقاته 
وأما اذا اراد بها المكان العدمى الذى هو خلاء محض لاوجود فيه , فهذا لا يقال انه لم يكن ثم خلق , اذ لايتعلق به الخلق , فانه امر عدمى , فاذا قيل : ان الله فى مكان بهذا المعنى , كما دلت عليه الأحاديث , فأى محذور فى هذا؟!
بل الحق أن يقال : كان الله ولم يكن شىء قبله , ثم خلق السماوات والأرض فى ستة ايام , وكان عرشه على الماء, ثم استوى على العرش , وثم هنا للترتيب الزمانى لا لمجرد العطف . انتهى
اكـمل بـارك الله فيـك ... Résuméabuiyad

الأربعاء، 18 يناير 2012

بيان تضعيف حديث (رآيت ربى فى صورة شاب امرد جعد )



بسم الله والحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد: فهذا تخريج لحديث (رآيت ربى فى صورة شاب امرد جعد)

أخرجه ابن عدي ( 2/ 260 ) والبيهقي في الصفات ( 938 ) والقاضي أبو يعلى الفراء في إبطال التأويلات ( 122 ، 125 ، 126 ، 127 ، 129 ) من طريق الأسود بن عامر شاذان عن حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( رأيت ربي في صورة شاب أمرد جعد )

وأخرجه الإمام أحمد ( 2 / 285 ) وابن أبي عاصم ( 440 ) والدارقطني في الرؤية ( 296 ، 299 ) واللالكائي ( 987 ) وأبو القاسم الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة ( 1/ 509 ) والذهبي في السير ( 10 / 113 ) من طريق شاذان به مقتصرا على لفظ ( رأيت ربي عز وجل ) فقط

وأخرجه الطبراني في السنة ، ومن طريقه ابن مندة كما في إبطال التأويلات ( 1/ 143 ) من طريق عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه عن شاذان به مرفوعا
ولفظ الطبراني : ( رأيت ربي في صورة شاب له وفرة ) ، انظر السيوطي ( اللآلئ المصنوعة 1/ 29 )
ولفظ ابن مندة ( رأيت ربي في صورة شاب أمرد له وفرة جعد قطط في روضة خضراء )

وأخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية ( 15 ) من طريق عبد الصمد بن كيسان عن حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( رأيت ربي في صورة شاب أمرد عليه حلة حمراء )

، 155 ) وابن الأعرابي في المعجم ( 405 ) والدارقطني في الرؤية ( 297 ) واللالكائي ( 899 ) والخطيب في التاريخ ( 12/ 214 ) من طريق عبد الصمد بن كيسان عن حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس به مرفوعا ولفظه ( رأيت ربي عز وجل ) فقط

وأخرجه الطبراني في السنة من طريق عبد الصمد ولفظه ( رأيت ربي في صورة شاب له وفرة ) (اللآلئ للسيوطي 1/ 29 )

وأخرجه ابن الجوزي في العلل ( 16 ) والدارقطني في الرؤية ( 300 ) من طريق إبراهيم بن أبي سويد ثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا ولفظه ( رأيت ربي في أحسن صورة )

وأخرجه الطبراني من طريق إبراهيم بن أبي سويد به ولفظه ( رأيت ربي في صورة شاب له وفرة )( اللآلئ 1/ 29 )

ورواية حماد هذه منكرة ، أولا : لضعف حماد بن سلمة في قتادة ، قال الإمام مسلم في كتاب التمييز : حماد بن سلمة يخطئ في حديث قتادة كثيرا ( نلقه عنه ابن رجب في شرح علل الترمذي 2/ 508 )

ثم قد خالف حديث هشام الدستوائي ، وهو من أثبت الناس في قتادة ، وقد قال البرديجي في حديث اختلاف الرواة عن قتادة : وإذا روى حماد بن سلمة وهمام وأبان ونحوهم من الشيوخ عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم وخالف سعيد أو هشام أو شعبة فإن القول قول هشام ... ( نلقه عنه ابن رجب 2/ 505 )

ثم إن حماد بن سلمة لم يخالف فقط هشام الدستوائي ، بل خالف كل من تقدم ممن أوقفه على ابن عباس رضي الله عنهما

وقد قال الشيخ الألباني رحمه الله في التعليق على هذا الحديث ( مختصر العلو 118 ) لما قال الذهبي عن حديث ابن عباس : إسناده جيد ، قال الشيخ معترضا :

نظر المصنف رحمه الله تعالى إ لى ظاهر إسناده فقواه ، لأنه ساقه من طريق أحمد حدثنا أسود حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس ورجاله ثقات كلهم رجل مسلم ، لكن حماد بن سلمة مع جلالة قدره ، في حديثه عن غير ثابت شيء ، ولذلك لم يخرج له مسلم إلا ما كان من روايته عن ثابت ، ولذلك قال الحافظ في التقريب : ثقة عابد أثبت الناس في ثابت ، وتغير حفظه بآخره ، وقد خالفه هشام الدستوائي في إسناده ومتنه ... )

وهذا الحديث قد صححه جمع من أهل العلم والحديث وضعفه آخرون ، فممن ضعفه الإمام أحمد رحمه الله في رواية عنه قال بأنه مضطرب ( نقله عنه القاضي في إبطال التأويلات 1/ 145 ) ، وله رواية أخرى عنه في تصحيح الحديث

وكذا ضعفه أيضا الإمام عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله في النقض على بشر المريسي ، قال رحمه الله : والله أعلم بهذا الحديث وبعلته ، غير أني استنكرته جدا

الإمام ابن قتيبة الدينوري في مختلف الحديث ص ( 38 ، 89 )

الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء ( 10 / 113 ) وقال : وهو خبر منكر نسأل الله السلامة في الدين ، فلا هو على شرط البخاري ولا مسلم ، ورواته وإن كانوا غير متهمين ، فما هم بمعصومين من الخطأ والنسيان

الحافظ محمد بن أحمد بن عبد الهادي في رسالة لطيفة في أحاديث متفرقة ضعيفة ( ص57 )

وعلى فرض صحة الحديث فإنه رؤية منام لا تثبت به الصفات ، يراجع في ذلك كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بيان تلبيس الجهمية ( 1/ 71 _ 74 )


منقول من ملتقى اهل الحديث 
اكـمل بـارك الله فيـك ... Résuméabuiyad

السبت، 14 يناير 2012

ماهو التوسل؟واقسامه؟

بسم الله والحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد: 


اولا:تعريف التوسل


فى اللغه: هو التقرب الى الشىء بالشىء , ومنه أن يتقرب شخص الى شخص بعمل معين , او بهدية معينه , او بقرابة او غيرها ليحصل له مايريد منه
فى الاصطلاح له تعريفان:
الاول: تعريف عام: وهو التقرب الى الله تعالى بفعل المأمورات وترك المحرمات. 
الثانى:تعريف خاص بباب الدعاء: وهو ان يذكر الداعى فى دعائه مايرجو أن يكون سببا فى قبول دعائه , او ان يطلب من عبد صالح ان يدعو له.


والتوسل فى أصله ينقسم الى قسمين:


القسم الاول: التوسل المشروع: وهذا القسم يشمل انواعا كثيرة , يمكن اجمالها فيما يلى :


1- التوسل الى الله تعالى بأسمائه وصفاته , كما قال الله تعالى ( ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها .. الايات) , وذلك بان يدعوا الله تعالى باسمائه كلها , كأن يقول : اللهم انى اسالك باسمائك الحسنى ان تغفر لى , او ان يدعو الله تعالى باسم معين من اسمائه تعالى يناسب ما يدعوا به , كأن يقول : اللهم يارحمن ارحمنى , او ان يقول : اللهم انى اسالك بانك انت الرحمن الرحيم ان ترحمنى, او ان يدعو الله تعالى بجميع صفاته , كأن يقول : " اللهم انى اسالك بصفاتك العليا ان ترزقنى رزقا حلالا " , او ان يدعوه بصفه واحدة من صفاته تعالى تناسب مايدعوا به , كأن يقول : " اللهم انك عفو تحب العفو فاعفوا عنى " , او يقول مثلا : " اللهم انصرنى على القوم الكافرين انك قوى عزيز ".


2- الثناء على الله تعالى , والصلاة على نبيه محمد صلى  الله عليه وسلم فى بداية الدعاء , لما ثبت عن فضالة بن عبيد عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه سمع رجلا يدعو فى صلاته لما يحمد الله ولم يصل على نبيه صلى الله عليه وسلم , فقال : " عجل هذا " , ثم دعاه فقال له : " اذا صلى احدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبى صلى الله عليه وسلم , ثم ليدع بما شاء " , قال : وسمع رسول الله رجلا يصلى فمجد الله وحمده , وصلى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم  , فقال عليه الصلاه والسلام : " ادع تجب , وسل تعطى " .
ومن ذلك ان يثنى على الله تعالى بكلمه التوحيد " لا اله الا الله " , التنى هى اعظم الثناء على الله تعالى , كما توسل به يونس عليه السلام فى بطن الحوت , ثم يصلى على النبى صلى الله عليه وسلم , فيقول فى توسله مثلا : " لا اله الا الله , اللهم صلى على محمد , اللهم اغفرلى "  , ومن ذلك سورة الفاتحة , فشطرها الاول ثناء الله على تعالى واخرها دعاء .


3- التوسل الى الله تعالى بذكر وعده جل وعلى , كما فى قوله تعالى ( ربنا واّتنا ماوعدتنا على رسلك ولاتخزنا يوم القيامة .. الايات )
ومنه ان يقول الداعى : " اللهم انك وعدت من دعاك بالاجابه فاستجب دعائى "


4- التوسل الى الله تعالى بأفعاله جل وعلى , كأن يقول : " اللهم يامن نصرت محمدا يوم بدر انصرنا على القوم الكافرين " .


5- ان يتوسل العبد الى الله تعالى بعبادته القلبية , او الفعليه , او القولية , او غيرها , كما فى قولـه تعالى : ( انه كان فريق من عبادى يقولون ربنا امنا فاغفر لنا وارحمنا ) , وكما فى قصة الثلاثة اصحاب الغار , فأحدهم توسل الله تعالى ببر والديه , والثانى توسل الى الله تعالى باعطاء الأجير أجره كاملا بعد تنميته له , والثالث التوسل الى الله تعالى بتركه الفاحشة , وقال كل واحد منهم فى اخر دعائه : " اللهم ان كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا مانحن فيه ".
ومن ذلك أن يقول الداعى : اللهم انى اسألك بمحبتى لك ولنبيك محمد صلى الله عليه وسلم ولجميع رسلك وأوليائك ان تنجينى من النار , او يقول : " اللهم انى صمت رمضان ابتغاء وجهك فارزقنى السعادة فى الدنيا والاخره "


6- ان يتوسل الى الله تعالى بذكر حاله , وانه محتاج الى رحمة الله وعونه , كما فى دعاء موسى عليه السلام : ( رب انى لما انزلت الى من خير فقير ) , فهو عليه السلام توسل الى ربه جل وعلا باحتياجه للخير ان ينزل عليه خيرا .
ومن ذلك قول الداعى " اللهم انى ضعيف لااتحمل عذاب القبر ولا عذاب جهنم فأنجنى منهما , او يقول " اللهم انى قد اّلمنى المرض فاشفنى منه " , ويدخل فى هذا الاعتراف بالذنب واظهار واظهار الحاجة لرحمة الله ومغفرتة كما فى قوله تعالى ( ربنا ظلمنا أنفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين )


7-التوسل بدعاء الصالحين رجاء ان يستجيب الله دعائهم , وذلك بأن يطلب من مسلم حى حاضر ان يدعو له , كما فى قول أبناء يعقوب عليهم السلام له ( يابانا استغفر لنا ذنوبنا انا كنا خاطئين ) , وكما فى قصة الأ عرابى الذى طلب من النبى أن يدعو بنزول المطر , فدعا صلى الله عليه وسلم  , وكما فى قصة المراّه التى طلبت منه عليه الصلاه والسلام ان يدعو الله لها بأن لاتتكشف , وكما طلب عمر ومعه الصحابة فى عهد عمر من العباس أن يستسقى لهم , اى أن يدعو الله ان يغيثهم بنزول المطر..


فهذه التوسلات كلها صحيحة , لأنه قد ثبت فى النصوص مايدل على مشروعيتها , واجمع أهل العلم على ذلك.  


القسم الثانى : التوسل الممنوع : لما كان التوسل جزءا من الدعاء , والدعاء عبادة من العبادات , كما ثبت فى الحديث " الدعاء هو العبادة" , وقد وردت النصوص الصحيحة الصريحة بتحريم احداث عبادة لم ترد فى النصوص الشرعية , فان كل توسل لم يرد فى النصوص مايدل على مشروعيته فهو توسل بدعى محرم , ومن أمثلة هذه التوسلات المحرمة : 


1- ان يتوسل الى الله تعالى بذات نبى او عبد صالح , أو الكعبة , أو غيرها من الأشياء  الفاضلة , كأن يقول " اللهم انى اسألك بذات ابينا ادم عليه السلام ان ترحمنى "


2-أن يتوسل بحق نبى أو عبد صالح أو الكعبة أوغيرها .


3-أن يتوسل بجاه نبى أو عبد صالح أو بركته أو حرمته أو بحق قبره ونحو ذلك .


فلا يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بشىء من هذه التوسلات , ولذلك لم يثبت فى رواية صحيحة صريحة أن أحدا من الصحابة أو التابعين توسل الى الله تعالى بشىء منها , ولو كان خيرا لسبقونا اليه , وقد نقلت عنهم ادعية كثيره جدا , وليس فيها شىء من هذه التوسلات , وهذا اجماع من اصحاب النبى والتابعين على عدم مشسروعية جميع هذه التوسلات .
وقد حكى اجماع الصحابة والتابعين على ترك هذه التوسلات جمع من اهل العلم , منهم شيخ الاسلام ابن تيميه كما فى مجموع الفتاوى 
وقال الشيخ محمد الشقيرى المصرى فى القول الجلى فى حكم التوسل بالنبى والولى " التوسل بحق النبى أو الولى أو بجاهه أو بركته , او بحق قبره او قبته , وهذا مذموم منهى عنه بلا نزاع "
وقد ذكر الشيخ جيلان العروسى السودانى مايقرب من خمسة عشر دليلا لتحريم هذا التوسل البدعى فى كتاب الدعاء ص 636-647
وقد نص على تحريم هذه التوسلات أو بعضها جم غفير من فقهاء الحنفية والمالكية والحنابلة , وغيرهم , وفى مقدمتهم أبو حنيفة وصاحبه أبو يوسف , ينظر على سبيل المثال لا الحصر كتاب بداية المبتدى مع شرحه الهداية ومع شرحهما البناية فى الفقه الحنفى : كتاب الكراهية 11\277-281 , صيانة الانسان عن وسوسة دحلان للسهسوانى الهندى ص187-206 ,273 ,274 , الشرك ومظاهره للميلى الجزائرى ص213.
وهذا لايدل على نقص مكانة أو جاه احد من الانبياء أو الصالحين بوجه من الوجوه , ومن ظن ذلك فقد وهم , فمكانة الأنبياء والصالحين كبيرة , وجاههم عظيم , ولكن جاههم منزلة لهم ,خاصة بهم , وهم يشفعون فى حياتهم فى الدنيا وفى الاّخره لمن شاءوا.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية كما فى مجموع الفتاوى 27\133 ,134 : " التوسل الى الله بالنبيين هو التوسل بالايمان بهم وبطاعتهم , كالصلاة والسلام عليهم , ومحبتهم وموالاتهم , أو بدعائهم وشفاعتهم , واما نفس ذواتهم فليس فيها مايقتضى حصول مطلوب العبد وان كان لهم عند الله الجاه العظيم والمنزلة العالية " انتهى 
  وليس هناك مايدل على ان لغيرهم ان يتوسل الى الله بذواتهم او بجاههم , وكذلك لايجوز لأحد ان يقسم على الله فى دعائه بأحد من خلقه , لأن القسم بغير الله لا يجوز اصلا , فكيف بمن يقسم به على الله تعالى , وايضا لا يجوز لأحد ان يسأل الله بحق فلان , لأن الحق لله على العباد , وليس للعباد حق على الله تعالى الا مااوجبه تعالى على نفسه من نصرة المؤمنين ومن عدم تعذيبه للمخلصين , واثباته اهم واستجابته لدعائهم .
قال ابن أبى العز الحنفى فى شرح الطحاوية ص294-297 : " وأما الاستشفاع  بالنبى وغيره فى الدنيا الى الله تعالى فى الدعاء , ففيه تفصيل : فان الداعى تارة يقول بحق نبيك , او بحق فلان , يقسم على الله بأحد من مخلوقاته , فهذا محذور من وجهين : أحدهما : أنه اقسم بغير الله  , والثانى :اعتقاده أن لأحد على الله حقا , ولايجوز الحلف بغير الله , وليس لأحد على الله حق الا مااحقه الله على نفسه , وحقهم الواجب بوعده هو أن لايعذبهم , وترك تعذيبهم معنى لايصلح أن يقسم به , ولا أن يسال بسببه , ويتوسل به , لأن السبب هو مانصبه الله سببا , فكأنه يقول : لكون فلان من عبادك الصالحين أجب دعائى , وأى مناسبة فى هذا وأى ملازمة؟ وأنما هذا من الاعتداء فى الدعاء , وهذا ونحوه من الأدعية المبتدعة , ولم ينقل عن النبى صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة ولا عن التابعين , ولا عن أحد من الائمة رضى الله عنهم , وانما يوجد مثل هذا فى الحروز والهياكل التى يكتبها الجهال والطرقية , والدعاء من أفضل العبادات , والعبادات مبناها على السنة والاتباع , لا عن الهوى والابتداع , ولهذا قال أبو حنيفة وصاحباه : يكره أن يقول الداعى : أسألك بحق فلان , أو بحق أنبيائك ورسلك , وبحق البيت الحرام , والمشعر الحرام , ونحو ذلك " . انتهى كلامه مختصرا .
وأنما يجوز التوسل الى الله تعالى بمحبته للأتبياء والأولياء والصالحين , ونحو ذلك من التوسلات الجائزة التى سبق ذكرها .
وليس للذين أجازوا التوسلات البدعية دليل صحيح يعتمد عليه , وقد احتجوا ببعض الأحاديث والاّثار التى فيها الحث على التوسل بجاه النبى صلى الله عليه وسلم أو بجاه غيره من الأنبياء , وانما كلها موضوعة أو واهية , لايعتمد عليها , كما احتجوا بحديث أبى سعيد , والذى فيه التوسل الى الله تعالى بحق السائلين , وبحق المشى الى المسجد , وهو حديث ضعيف , وعلى فرض صحته فان حق السائلين هو الاجابة من الله تعالى وحق المشى الى المسجد هو الاثابه من الله تعالى , والاجابة والاثابة صفتان من صفات الله تعالى , والتوسل الى الله بصفاته من التوسل المشروع كما سبق بيانه , كما احتجوا ببعض الاحاديث الصحيحة , ولكنها غير صريحة فيما ذهبوا اليه من جواز التوسل الممنوع , بل ان اصح الاحاديث التى احتجوا بها يدل على تحريم هذا النوع من التوسل , وهو توسل عمر والصحابة بالعباس رضى الله عنهم , وهذا الحديث يدل على عدم مشروعية هذا التوسل , لانه لو كان جائزا لماعدل عمر عن التوسل بجاه النبى وهو لاريب اعظم من جاه العباس , فدل ذلك على أن التوسل بالفاضل - وهو النبى بعد وفاته غير ممكن , لابدعائه لوفاته , ولابذاته أو حقه أو جاهه لتحريمها , وانما هم توسلوا بالعباس وطلبوا منه الدعاء للسقيا ..


ولما اعرض كثير من المسلمين عن التوسلات الشرعية التى سنها النبى صلى الله عليه وسلم , وقدموا عليها  التوسلات البدعية , فدعوا الله تعالى بما لم يشرعه من التوسل المحرم , وكان بعضهم يذهب الى القبر ويتوسل الى الله بجاه أو بذات صاحب القبر , أدى ذلك بكثير منهم وكثير ممن قلدهم واغتر بفعلهم الى الوقوع فى التوسل الشركى , المخرج من الملة , فأصبحوا يدعون الأموات مباشرة , ويطلبون منهم أن يشفعوا لهم عند الله تعالى 
ولذلك كله ينبغى للمسلم البعد عن هذه التوسلات البدعية التى لم ترد أدلة صحيحة صريحة تدل عليها , والتى أعرض عنها جميع الصحابة والتابعين وجزم بتحريمها جماهير السلف والخلف , وأقل أحوالها عند من يسهل فى أمرها أنها من المشتبهات , ومن ابتعد عن الشبهات فقد استبرأ لدينه , كما أخبر النبى صلى الله عليه وسلم , والمسلم يقدم عليها الأدعية الكثيرة الثابتة فى كتاب الله تعالى وفى سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم وعن صحابته رضوان الله عليهم - فلا يزاحم الأدعية النبوية بهذه التوسلات ولايقدمها عليها , بل السلامـة - فضلا عن رجــاء الاجابة - فى الأعراض عن هذه التوسلات .
ثم انه قد ثبت فى السنة أن هناك أسبابا أخرى كثيرة لاجابة الدعاء ( كاختيار المكان والزمان التى يستحب فيها الدعاء كثلث الليل الاّخير واّخر ساعة فى يوم الجمعة , وحال سجود ) , وثبت فى القراّن والسنة أن هناك أسبابا كثيرة لمغفرة الذنوب , وأن يحصل للانسان مأهمه , فيحقق الله له ما يرجوه من مرغوب ويدفع عنه مايخشاه من مرهوب , ومن أعظم هذه الأسباب تقوى الله تعالى , والاكثار من الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم , فينبغى للمسلم أن يقدمها على تلك التوسلات البدعية... انتهى


واخيرا اسال الله باسمائه الحسنى وصفاته العليا ان يجعل هذا العمل خالصا لوجهه وان ينفعنى به ,  وماكان من توفيق فمن الله وحده وماكان من خطأ او سهو او نسيان فمنى ومن الشيطان والله ورسوله منه براء ... 
   
اكـمل بـارك الله فيـك ... Résuméabuiyad

السبت، 7 يناير 2012

الرد على الوقح الغبى شهاب الدين الحلبى الصوفى الاشعرى المحترق الملقب (بابن جهبل )

بسم الله والحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد : فهذا رد على الوقح الغبى شهاب الدين الحلبى الملقب (بابن جهبل) , لما قاله فى حق شيخ الاسلام ابن تيميه وفى حق السلف الصالح.

قال(المدراسى):قال الشيخ شهاب الدين احمد بن يحيى بن اسماعيل الحلبى الشافعى فى رده على بعض الحشوية(مانصه مذهب الحشوية فى اثبات الجهة واه ساقط يظهر فساده من مجرد تصوره حتى قال الأئمة لولا اغترار العامة بهم  لما صرف اليهم عنان الفكر ولاقطر القلم فى الرد عليهم , وهم فريقان فريق لايتحاشى فى اظهار الحشو ويحسبون انهم على شىء الا انهم هم الكاذبون , وفريق يتستر لمذهب السلف لسحت يأكله أو حطام يأخذه أو هوى يجمع عليه الطغام الجهلة أو الرعاع السفلة لعلمه ان ابليس ليس له دأب الا خذلان أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولذلك لايجمع قلوب العامة الا على بدعة وضلالة يهدم بها الدين ويفسد بها اليقين , فلم يسمع فى التواريخ ان خزاه الله جمع غير خوارج أو رافضة أو ملاحطة او قرامطة , وأما السنة والجماعة فلا تجتمع الا على كتاب الله المبين وحبله المتين انتهى.

اقول وبالله التوفيق: اول ما استفتح به هذا الوقح مقالته وابتدأ به ضلالته وهو سب سلف اهل السنة والجماعة ونبزهم بالالقاب القبيحة وبئست البضاعة , ولله در الحافظ النبيل وشيخ أهل الجرح والتعديل أبو حاتم محمد بن أدريس الرازى الحنظلى رحمه الله تعالى حيث يقول فيما نقله عنه الامام الحافظ ابو القاسم الطبرى فى كلام له قال فيه (وعلامة أهل البدع الوقيعة فى اهل الأثر وعلامه الجهمية أن يسموا اهل السنه مشبهه ونابتة وعلامة القدرية أن يسموا اهل السنة مجبرة وعلامة الزنادقة أن يسموا اهل الأثر حشوية ) انتهى كلامه رحمه الله , وقد صنف أبو القاسم أبراهيم بن عثمان بن درباس الشافعى جزأ سماه تنزيه أئمه الشريعة عن الالقاب الشنيعه فرحمه الله عليه من امام  انتهى


يقول الحلبى: وفى هذا الفريق من يكذب على السابقين الاولين من المهاجرين والأنصار ويزعم انهم يقولون بمقالته ولو انفق مافى الارض ذهبا ما استطاع ان يروج عليهم بكلمة تصدق دعواه وتستر هذا الفريق بالسلف حفظا لرياسته وللحطام الذى يجتلبه يريدون ان يأمنوكم ويأمنوا قومهم . يتحلون بالرياء والتقشف فيجعلون الروث مفضضا والكنيف مبيضا ويزهدون فى الذرة ليحصلوا الدره
                                          اظهروا للناس نسكا  @ وعلى المنقوش داروا


اقول فى هذا: قف فهذه صفتك وصفه اصحابك وهى بلا شك حليتك وحلية اترابك , فهو مراده فى كلامه شيخ الاسلام وقدوة الاعلام ابو العباس ابن تيمية ,ودعواه ان المذكور يكذب على السابقين الاولين وانه لو انفق مافى الارض ذهبا ماوجد كلمة تصدق دعواه , فهو فى هذه الدعوى اكذب من سجاح وأبى ثمامه , فان المذكور وهو شيخ الاسلام ابن تيمية قد صدق دعواه ببعض مانقله عن السلف الصالح فى فتواه واحال على الكتب التى توجد فيها اقول السلف فى هذه الامور ككتاب السنة للالكائى والابانه لابن بطه والسنه لابى ذر الهروى والاصول لابى عمر الطلمنكى وقبل ذلك السنة للخلال والتوحيد لابن خزيمة والرد على الجهمية لجماعة مثل البخارى وشيخه عبد الله بن محمد الجعفى والسنة لعبد الله بن احمد وكلام عبد العزيز المكى صاحب الحيدة فى الرد على الجهمية ,والسنة لابى بكر الأثرم والسنة لاحمد بن حنبل وللمروذى ولابى داود السجتانى ولابن ابى شيبه والسنه لابى بكر بن أبى عاصم وكتاب خلق الافعال للبخارى وكتاب الرد على الجهمية لعثمان بن سعيد الدارمى والسنة لابى عبد الله بن منده ولابى احمد النسال الاصبهانى وغيرهم ممن ذكره واحال عليه , فهلا اطلع ابن جهبل على هذه الكتب او بعضها ليعرف صدق دعواه , ولكن هو بضاعته قليله , ولو سمع مافى هذه الكتب لصمت اذناه وعميت عيناه ..
@ واما قوله انهم يتسترون بالسلف حفظا للرياسة والحطام فقد اشتهر عنه العام والخاص زهده واعراضه عن الدنيا وقد شهد له بذلك الاصدقاء والأعداء , ومن اعظم من يشهد له بذلك التقى السبكى ذكر الحافظ  أبو الفرج عبد الرحمن بن احمد بن رجب فى طبقات الحنابلة والحافظ محمد بن نصر الدين الشافعى فى كتابه الرد الوافر وغيرهم قالوا ( ومما وجد فى كتاب كتبه العلامة قاضى القضاه أبو الحسن السبكى الى الحافظ ابى عبد الله الذهبى فى امر الشيخ تقى الدين بن تيمية: واما قول سيدى فى الشيخ فالمملوك يتحقق كبر قدره وزخاره بحره وتوسعه فى العلوم الشرعيه والنقلية وفرط ذكائه واجتهاده وبلوغه فى كل من ذلك المبلغ الذى يتجاوز الوصف والمملوك يقول ذلك دائما وقدره فى نفسى اكبر من ذلك مع ماجمعه الله من الزهادة الورع والديانة ونصره الحق والقيام فيه لالغرض سواه وجريه على سنن السلف وأخذه من ذلك بالمأخذ الاوفى وغرابه مثله فى هذا الزمان بل من ازمان ) انتهى , وقال الشيخ الامام أبو حفص عمر بن على البزاز البغدادى فى ترجمة شيخ الاسلام التى افردها فى الفصل الخامس فى ذكر بعض ورعه كان رضى الله عنه من الغاية التى ينتهى اليها فى الورع لان الله تعالى اجراه مده عمره عمره كله عليه فانه ماخالط الناس فى بيع ولاشراء ولامعاملة ولاتجارة ولامشاركة ولازراعة ولاعمارة ولا كان ناظرا مباشرا لمال وقف ولم يكن يقبل جراية لنفسه من سلطان ولاامير ولاتاجر ولاكان مدخرا دينارا ولادرهما ولامتاعا ولاطعاما وانما كانت بضاعته مده حياته وميراثه بعد وفاته العلم اقتداء بسيد المرسلين وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم.


وهذا رد على ماافتراه ابن جهبل على شيخ الاسلام واقوال العلماء فيه ووالله الكلام عن شيخ الاسلام يطول ذكره 

واحب ان اذكر بما ذكرت به من قبل: انهلاشك انه كلما قوى الانسان فى اقامة دين الله والدفاع عنه قوى اعداؤه , لان الله تعالى يقول ( وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا من المجرمين ) , فكل من قام مقام الانبياء فى دعوتهم فان له عدوا من المجرمين بلا شك , لان بنى ادم تسعمائه وتسعة وتسعون من اهل النار وواحد من اهل الجنة من الالف , فلابد لان يكون لاهل السنه الفرقه الناجيه معارضون ومنتقضون , ولكن الحق منصور يقول ابن القيم رحمه الله الحق منصور وممتحن فلا تعجب فهذى سنة الرحمن. 


اقول قولى هذا واستغفر الله العظيم لى ولكم واسئل الله العظيم ان يجعل هذا العمل ابتغاء مرضاته سبحانه وتعالى وان يجنبنا الرياء والسمعه فما كان من توفيق فمن الله وماكان من خطأ او سهو او نسيان فمنى ومن الشيطان . انتهى
اكـمل بـارك الله فيـك ... Résuméabuiyad

تابعني على الفيس بوك

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة